وافق المجلس الأمني المصغر في إسرائيل أمس على خطة للتوغل في أراضي قطاع غزة والسيطرة عليها بعد استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتوسيع العمليات والدفع بفكرة الهجرة الطوعية للفلسطينيين، الخطة برمتها رفضتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ورأت فيها أداة «ابتزاز سياسي» في الحرب الدائرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
وصادقت الحكومة الأمنية المصغرة أمس على الخطة التي قال مسؤول إسرائيلي إنها «تشمل، من بين أمور عدة، التوغل في قطاع غزة وإبقاء السيطرة على أراضيه، ونقل سكان غزة إلى الجنوب حماية لهم».
ووافق المجلس الأمني الذي يرأسه بنيامين نتنياهو ويضم عددا من الوزراء، بـ«الإجماع» على الخطة الجديدة التي تهدف إلى القضاء على حماس واستعادة الرهائن المحتجزين في القطاع.
وقال المصدر إن الخطة تتضمن شن «ضربات قوية ضد حماس» من دون تحديد طبيعتها.
لكن حماس التي تحكم قطاع غزة رأت أن الخطة «تمثل خرقا للقانون الدولي وتنصلا من التزامات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف».
وخلال الاجتماع، أكد نتنياهو وفق المسؤول الإسرائيلي أنه «مستمر في الترويج» لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الهجرة الطوعية لـ«سكان غزة»، ضمن الفكرة التي أعلنها في فبراير الماضي للسيطرة على قطاع غزة وإعادة بنائه وتحويله إلى «ريفيرا الشرق الأوسط». واقترح ترامب نقل سكان قطاع غزة إلى مصر أو الأردن المجاورتين.
من جهتها، قالت عائلات الرهائن المحتجزين في قطاع غزة إن الخطة التي أقرها المجلس الأمني تستحق أن نطلق عليها «خطة سموتريتش- نتنياهو للتضحية بالرهائن والتخلي عن الصمود الوطني والأمني». ووافق المجلس أيضا على «إمكان توزيع المساعدات الإنسانية إذا اقتضت الحاجة» في غزة التي تخضع لحصار إسرائيلي مطبق منذ الثاني مارس.
ورأى المجلس في اجتماعه أن في غزة «ما يكفي من طعام».
وقالـــت الـقـنـــاة 12 الإسرائيلية ان تل أبيب أطلقت على عمليتها لتوسيع الإبادة الجماعية في قطاع غزة اسم «عربات جدعون».
في المقابل، قالت حركة حماس في بيان «نرفض بشدة تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي.. الآلية المطروحة تمثل خرقا للقانون الدولي وتنصلا من التزامات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف». وحملت الحركة إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة» الذي أحكمت محاصرته في الثاني من مارس الماضي.
وأكد القيادي في الحركة محمود المرداوي أن تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال غزة تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإجباره على التخلي عن حقوقه ومقدساته، لكن هذه المحاولات لن تنجح.
وفي مقابلة مع «الجزيرة نت»، شدد المرداوي على أن المقاومة الفلسطينية لن تستجيب «بحال من الأحوال» للعرض الإسرائيلي الذي قدم في 13 أبريل 2024، والذي جاء مشروطا تحت التهديد.
وأشار القيادي في حماس إلى تمسك الحركة بموقفها الرافض لأي تسوية لا تحقق مطالب الشعب الفلسطيني، مجددا التأكيد على أن الحل الوحيد المقبول يتمثل في صفقة شاملة.
وفيما يتعلق بالوضع المعيشي في القطاع، وصف المرداوي الأوضاع الإنسانية في غزة بـ«الكارثة» جراء استمرار العدوان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الضفة الغربية تشهد بدورها «كارثة وطنية» في ظل استمرار الاحتلال في سياسات التهويد والتهجير والتجويع.
وأضاف ان المقاومة تعول على صمود الشعب الفلسطيني وتصعيد المقاومة لمواجهة هذه التحديات، مشددا على أن خيار الصمود هو السبيل الوحيد لوقف المجازر والعدوان المتواصل.
واختتم تصريحاته للجزيرة نت بالتأكيد على أن كل محاولات الاحتلال لفرض شروطه أو تحقيق مكاسب من خلال التهديدات والمجازر مصيرها الفشل، مضيفا أنه «لا خيار أمام شعبنا إلا تحقيق الصفقة الشاملة التي تضمن الأمن والأمان لشعبنا».
وفي السياق، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء الخطة الإسرائيلية الجديدة لـ«السيطرة على غزة»، ودعا إسرائيل إلى «أقصى درجات ضبط النفس»، بحسب ما قال الناطق باسمه أمس.
وأعلن أنور العنوني خلال الإحاطة الإعلامية اليومية للمفوضية الأوروبية أن «الاتحاد الأوروبي قلق من التوسيع المرتقب لعملية القوات الإسرائيلية في غزة التي ستؤدي إلى مزيد من الضحايا والمعاناة للفلسطينيين. ونحن ندعو إسرائيل إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس».
هذا، ودعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول «الحصار الشامل» الذي تفرضه إسرائيل على القطاع أسبوعه التاسع.
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أمس علق فيه على خطة إسرائيل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأكد البيان أن الخطة «تتناقض مع المبادئ الإنسانية الأساسية». وأضاف ان فرق الأمم المتحدة مستعدة لتوزيع الإمدادات والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية والتغذية في غزة.
وأضاف: «لدينا كمية كبيرة من المخزون جاهزة للتوزيع فور رفع الحصار. ندعو قادة العالم إلى استخدام نفوذهم لتحقيق ذلك. الآن هو الوقت المناسب لرفع الحصار».
وأشار البيان إلى أن الخطة الإسرائيلية تعرض حياة المدنيين وجهود المساعدات الإنسانية للخطر، وتعزز التهجير القسري.
وحذر البيان من أن محاولة توجيه المدنيين إلى مناطق الصراع لتلقي المساعدات الغذائية، تعني أن «أجزاء كبيرة من غزة ستظل بلا غذاء».