يعيش أبناؤنا فترة ما قبل انسلاخهم من لغتهم وتراثهم.. ومحاولات لإبعادهم عن دينهم وعقيدتهم.. وهذا مصداق لقول رسو الله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن الذين من قبلكم.. حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.
استحضرتني حادثة بالأمس عندما دخل علينا «الابن العزيز عثمان.. وهو ابن أحد الأصدقاء وكنت أناديه بالشيخ عثمان» وكان مرتديا الزي الوطني الكويتي الغترة والعقال.. وليس على عادته.. وقال السلام عليكم.. وكان ذاهبا الى مناسبة اجتماعية.
الزي الوطني هو ثقافة أهل الكويت.. وهي ترجمة لتراث المجتمع الكويتي القديم والحديث وهو هوية المجتمع الأولى ولكن أثناء الترحيب بالغلام الشيخ عثمان «.. أراد أحد الإخوة أن يلطف الحديث ويكسر هذه الصورة بأن قال له Give Me five» وهي ترجمة لصورة رمز كويتية قديمة «كفك».. ولو أن صديقنا اكتفى بكلمة «كفك» لكانت أكثر جمالا وترجمة لتراث المجتمع الكويتي ولكانت أكثر ترسيخا في نفس الغلام الشيخ عثمان.. وأمثاله من أبنائنا والذين يعيشون بين أواخر صور ومفاهيم تراثهم وأعرافهم وثقافاتهم القديمة والتهيؤ للدخول الى الثقافات الأخرى واعتبار أن تراثنا وموروثنا قديم لا يتناسب مع هويات الشعوب والمجتمعات الأخرى لأنه مجرد موروثات بالية لا تنفع للاستخدام في هذا الزمان.. ولا يمكن ترجمتها للرموز الجديدة للتعارف والتوافق.. إلى آخره. هذه المشاهد تتكرر كثيرا في حياتنا اليومية.. فإننا نجدها على موائد الطعام.. وفي مدارسنا والتي تكاد تخلو برامجها التعليمية في الاشارة للتراث الوطني.. ولا في دواويننا.. ولا في مناسباتنا الاجتماعية.. وتكاد عبارة الحاضر الأول في هذه المناسبات.. حتى اصبحت مجتمعاتنا اول المستقبلين لهذه «Happy Birthe To You» الصرعات في الملابس وقصات الشعر وتبادل الرموز وعبارات الترحيب «هاي» وللتوديع «باي باي».. أي في حفظ بابا أحد الرموز الدينية فلا تكاد تسمع من يقول السلام عليكم.. من جيل الغلام الشيخ عثمان مما يعكس خللا في ثقافة المجتمعات وفقدان هويتها الوطنية... وإذا استمر هذا النمط من إبعاد التراث الوطني وجعل التقليد والترحيب لموروثات المجتمعات الغربية فإننا سنصل الى مجتمع منسلخ عن لغته وبعيدا عن ثقافته.. وهويته.. وبعيدا عن دينه وإن أحد أسباب هذا الانسلاخ هو «الأسرة.. اللبنة الأولى في التربية» وللأسف العلاج لا يقع في الضرب أو التهديد والوعيد فهذا الطفل منذ ولادته وهو يستقبل هذه الموروثات الأجنبية ولا يعلم انه تتم تهيئته للالتحاق بموروثات وهويات مجتمعات أخرى لابد من أن يكون «الأب والأم» هم من يقدم خدمة توريث العادات والتقاليد والحفاظ على هوية الأبناء قبل كل شيء وقبل أن نعض على أصابعنا من ضياع الأبناء.