«الرحمن»، يمتنّ الله عز وجل على عباده بنعمه الكبرى، وأولى هذه النعم وأعظمها هي نعمة القرآن، علمه للإنسان بتيسير تلاوته وحفظه وفهم معانيه (خلق الإنسان) في أحسن تقويم وأتقن الله عز وجل خلقه، (علمه البيان): أي التبيين عما في ضميره ونفسه تمييزا له عن غيره.
حساب متقن
(الشمس والقمر بحسبان) يجريان متعاقبين بحساب متقن لا يختلف ولا يضطرب رحمة بالعباد وعناية بهم، حساب دقيق، اكتشف العلماء أن الشمس لو تأخرت بضعة سنتيمترات لتجمدت الأرض ولو اقتربت بضعة سنتيمترات احترقنا. أمر يستحق منا أن ننظر فيه ونتفكر في آيات الله. (والنجم والشجر يسجدان) النجم الذي في السماء وأشجار الأرض تعرف ربها وتسجد له وتنقاد لما سخرها له من مصالح عباده ومنافعهم. (والسماء رفعها ووضع الميزان) والسماء رفعها فوق الارض يوضع في الأرض العدل الذي أمر به وشرعه لعباده.
العدل
(ألا تطغوا في الميزان) لئلا تعتدوا وتخونوا من وزنتم له وتتجاوزون الحد وأقيموا الوزن بالعدل ولا تنقصوا الميزان اذا وزنتم للناس، فإذا شئت ان يكون ميزانك عند الله حقا فاعدلي في هذه الدنيا اعدلي أولا مع ربك ثم اعدلي مع نفسك ثم اعدلي مع الآخرين واسألي الله ان يأخذ بيدك الى مراتب الاحسان لتكوني من المحسنات. (والأرض وضعها للأنام) مهدها لسير الانسان لتكون لهم مهادا وفراشا ويستقر عليها الناس وينتفعون في جميع ما فيها، (فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام) فيها الفاكهة والنخل ذات الأوعية التي يكون فيها التمر.
(والحب ذو العصف والريحان) يعني القشرة رزقا لكم ولأنعامكم وفيها كل نبت طيب الرائحة، يغذيك جسدا وروحا.
شكر الثقلين
(فبأي آلاء ربكما تكذبان) فبأي نعم الله الدينية والدنيوية تكذبان يا معشر الجن والإنس - تكذبان؟ وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة، فكلما مروا بهذه الآية قالوا «لا شيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد» وهكذا ينبغي لنا اذا تليت علينا نعم الله وآلاؤه أن نقر بها ونشكر الله ونحمده عليها.
نعم الله على عباده
(خلق الإنسان من صلصال كالفخار) خلق آدم من طين يابس كالفخار (آلاء) هنا هو عز وجل يخبرنا عن بدء الخليقة حتى لا تغتر ايها الانسان انما خلقك الله من حفنة طين وشكلك، فعلى من تتكبر وعلى ماذا تتعالى عن عبادة ربك الذي خلقك وخلق الجن من مارج من نار، لذلك جاء ابليس مغترا بنفسه قال النار أفضل من الطين هو قياس فاسد أصلا من الذي قال إن النار أفضل من الطين؟ الطين يخرج منه الخير وهو يطفئ النار.
(رب المشرقين ورب المغربين) هو سبحانه وتعالى رب مشرقي الشمس في الشتاء والصيف ورب مغربيها فيهما فالجميع تحت تدبيره وربوبيته (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فبأي نعم ربكما أيها الثقلان تكذبان؟
فنحن نرى بأعيننا للشمس مشرقا في الصيف ولها مشرق في الشتاء سبحان الله، لها موقع مختلف وكذلك بالمغرب لها موقع تغرب فيه بالصيف وهذا مشاهد بالعين يخاطبنا الله بربوبيته ويذكرنا بها قال ربك هو الذي رباك هو الذي أمدك هو الذي أعطاك، هذا الرب يقتضي منا شكره لهذه النعم العديدة.